ADAPTATION PRACTICES TO CLIMATE CHANGE: A CASE STUDY OF MANGO FARMERS IN SHARKIA GOVERNORATE ممارسات الأقلمة مع التغير المناخى: دراسة حالة زراع المانجو بمحافظة الشرقية

   استهدفت هذه الدراسة بصفة أساسية التعرف على ممارسات أقلمة زراع المانجو مع التغير المناخى، وقدأجريت هذه الدراسة فى محافظة الشرقية؛ حيث تم اختيار أکبر ثلاثة مراکز زراعة لمحصول المانجو بالمحافظة عمديا وهى الحسنية، وفاقوس، والصالحية الجديدة . وتمثلت عينة الدراسة فى فئتين رئيستين هما الزراع، والباحثين. وقد تم الاعتماد على طريقة دراسة الحالة لجمع بيانات الدراسة من ستة مزارعين، تم إختيارهم ليمثلوا المراکز المختلفة للدراسة بعدد (2) مزارع بکل مرکز، وذلک حتى يمکن متابعتهم طوال فترة الدراسة خلال عامى (2012 ،2013)، کما تم تنفيذ (2) مجموعة نقاشية بؤرية للباحثين فى مجال البساتين. وقد تم استخدام التکرارات، والنسب المئوية، والمتوسط الحسابى لعرض نتائج الدراسة.
وقد لاحظ المزارعون المبحوثين واحد وعشرين تغيرا مناخيا خلال فترة الدراسة فى عامى 2012 ، 2013، بإجمالى تکرارات ثمانية وستين تغيرا مناخيا وبمتوسط قدره 0.8 تغيرا مناخيا کل شهر لکل حالة خلال فترة الدراسة، وأوضح 63.2% من الزراع بأنهم لديهم معرفة مسبقة بالتغيرات المناخية التى لاحظوها قبل حدوثها، فى حين أن 36.8% من الزراع لم يکن لديهم معرفة بتلک التغيرات قبل حدوثها ، وأحتل الارشاد الزراعى المصدر الأول لمعرفة الزراع بالتغيرات المناخية قبل حدوثها بنسبة 48.2% ، يليه النشرة الجوية بنسبة 29.2%، ثم خبرة المزارع بنسبة 21.4%، وأخيرا الجيران بنسبة 1.2% فقط .
کما أوضحت نتائج الدراسة تعدد الآثار التى لاحظها المزارعون لکل تغير مناخى، حيث بلغت خمسة وثلاثين أثرا خلال فترة الدراسة، منها اثنان وثلاثين أثرا سلبيا بنسبة 91.4 %، وثلاثة آثار ايجابية بنسبة 8.6% من اجمالى الآثار المذکورة، وقد جاءت انتشار الأمراض الفطرية فى مقدمة الآثار السلبية للتغيرات المناخية الملاحظة طوال أشهر الدراسة خلال عامى (2012 ،2013 ). وقد جاء تطبيق ثمانية ممارسات يقوم بها زراع المانجو للأقلمة مع الآثار السلبية للتغير المناخى ملائم وکافى من وجهة نظر الباحثين وفقا لما هو موصى به بنسبة 36.3% من إجمالى الآثار السلبية الحادثة، بينما تحتاج ست ممارسات بنسبة 27.2%  الى ممارسات تکميلية ، کما جاءت خمس ممارسات بنسبة 22.7% غير ملاءمة ، وأخيرا جاءت ثلاث ممارسات بنسبة 13.6% ليس لها حل موصى به حتى الآن .
وقد اقترح الباحثون (10) ممارسات للأقلمة مع التغير المناخى سبق إختبارها بحثيا وثبت جدواها، وقد جاءت ممارسة إنشاء مصدات الرياح فى مقدمة الممارسات ذات الأولوية العاجلة فى التنفيذ للحد من التغيرات المناخية السلبية، وجاءت باقى الممارسات الأخرى ذات أولوية ويحتاج المزارعون فيها الى دعم مادى أو إرشادى لتنفيذها، وتم إقتراح خطة عمل توجه عملية تطبيق ونشر ممارسات الأقلمة للتغير المناخى بالقطاع الزراعى على المستوى القومى والمحلى.
المقدمة
            أصبح التغير المناخى Climate Change فى السنوات الحالية حقيقة ملموسة بعد سنوات من الجدل بين العلماء فى مختلف دول العالم حول التقليل أو التهويل من حدوثه وآثاره المحتملة، حتى أنه صنف بأنه أکبر التهديدات البيئية بالقرن الحادى والعشرين (UNDP,2007,p.2)، ووفقا  لتقرير الهيئة الحکومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية فقد لوحظ إزدياد درجات حرارة الهواء السطحي على الکرة الأرضية بمعدل يتراوح من0.3الى0.6 درجة مئوية خلال المائة سنة الماضية، کما من المتوقع أن تزداد درجات الحرارة خلال القرن الحالى من 1.1 الى 6 درجة مئوية (IPCC,2007,p.3).
ويرجع التغير فى المناخ الإجمالى للکرة الأرضية للانبعاث الغازى وما نتج عنه من إحتباس حرارى أدى الى رفع درجة حرارة سطح الکرة الارضية، وهذا الارتفاع المستمر في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة سوف يؤدي إلى العديد من المشکلات الخطيرة کأرتفاع مستوى سطح البحرمهددًا بغرق بعض المناطق في العالم، بالإضافةإلى تأثيراته الجسيمةعلى صحة الإنسان والتى قد تؤدى الى "الموت المفاجئ" خاصة بين الأطفال والمدخنين، هذا الى جانب انتشاربعض الأمراض الخطيرة کالملاريـــا (Wall and  Smit , 2005,p.114).
وتعد مصر من أکثر دول العالم تضرراً من التغيرات المناخية، فمن المتوقع من نتائج الدراسات البيئية أن تنخفض الدلتا المصرية بمعدلات دقيقة تصل إلى 2 ميلليمتر فى العام الواحد، يقابلها ارتفاع فى سطح البحر المتوسط إلى حوالى 70 سم خلال المائة عام المقبلة وهو ارتفاع کاف لأن يجعل المياه تغرق ما يتراوح بين 10 إلى 15 فى المائة من مساحة الدلتا المصرية، وبالتالى تهجير ما بين خمسة الى ستة ملايين نسمة يقطنون هذه المساحة(Elsharkawy,et al.,2009,p.3)، وعلى مستوى القطاع الزراعى، سيؤثر التغير المناخى على تقليل إنتاجية المحاصيل فى المناطق الإستوائية وشبه الإستوائية نتيجة للتغيرات المستمرة فى درجات الحرارة وهطول المياه (سواء فى شکل سائل کالأمطار أو مجمد کالثلج) فى فصول السنة المختلفة(IPCC,2007,p.3)، وعلى المستوى المحلى سوف توثر التغيرات المناخية وما تسببه من ارتفاع فى درجة حرارة  سطح الأرض سلبا على إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية,حيث ستسبب نقصا فى إنتاجية محاصيل الغذاء الرئيسية، وزيادة الاحتياجات المائية اللازمة لها ، وبالتالى التأثير على العائد المحصولى من وحدة المياه، وصافى عائد المزرعة (أبوحديد،2009,ص 12).
ويعد صغار الزراع من أکثر الفئات المهددة من آثار التغير المناخى نتيجة لزيادة الفقر بالمناطق الريفية، والتفتت الحيازى، واعتمادهم على استخدام الموارد الطبيعية (Pettengell,2010,p.2)، مما يؤثر على سبل عيش أکثر من 1.5 بليون فرد بالمناطق الريفية ويعتمدون فى معيشتهم على الزراعة بصفة رئيسية (World Bank,2008)، وهذا ما دعى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن تطلق مبادرة إنشاء نظام ذکى للمناخ Climate-Smart للتنبؤ بالتغيرات المناخية لمنع أو تقليل الآثار السلبية للتغيرات المناخية خاصة فى المناطق الريفية (FAO,2010).
وقد بدأت حکومات الدول المختلفة فى السنوات الأخيرة من إدراج خطط التعامل لمواجهة التغيرات المناخية على المدى القصير والطويل سواء على مستوى المجتمعات أو المزرعة وبخاصة تلک الدول الأکثر تهديدا من التغير المناخى. وهناک طريقتان رئيسيتان لمواجهة التغير المتوقع فى المناخ هما:اتباع الطرق التى لا تسمح بزيادة الانبعاث الغازى عن الحدود الحالية أو ما يعرف بتخفيف الانبعاث الغازى Mitigation of GHG Emissions ، واتباع الطرق والاستراتيجيات داخل کل قطاع وبين جميع القطاعات لتقليل أو لتعويض السلبيات التى يمکن أن تنتج عن التغير المتوقع فى المناخ، وهو ما يعرف بالأقلمة أو التکيف Adaptation(المرصفاوى، 2009 ، ص 6).
وتعد الأقلمة مع التغير المناخى أحد الاستراتيجيات الهامة لأنها بمثابة عملية إجتماعية ديناميکية مستمرة تعکس قدرة المجتمعات على مقاومة الأخطار، وتبين أيضا قدرة الأفراد على العمل سويا لحل المشکلات والتهديدات التى تؤثر عليهم (Adger,2003,p.12)، ويحتاج إقتراح إستراتيجيات أقلمة مناسبة إلى بحث علمى فعال يقوم بدراسة أثر التغير فى المناخ على کل قطاع فى البداية، ثم يقوم بتطوير تکنولوجيات وممارسات مناسبة تتلاءم مع الظروف المحلية والتى من أهمها طرق إدارة المياه (مثل طرق حصاد مياه الأمطار)، وأساليب رفع خصوبة التربة (استخدام مواد عضوية)، وطرق حماية التربة من النحر (مثل الزراعة فى الغابات، وتدريج وتصطيب الأراضى المنحدرة والمرتفعة للزراعة)، واستخدام الطاقة المتجددة (مثل استخدام الطاقة الشمسية، والبيوجاز) (Hammill,et al.,2008,p.3).
وتحتاج الدول المختلفة الى جهات تساعد البحث العلمى فى نشر وتطبيق تکنولوجيات وممارسات الأقلمة مع التغيرات المناخية، ويعد الارشاد الزراعى أحد أهم التنظيمات التى يمکن أن تلعب دورا رئيسيا فى هذا الشأن. ويساعد الارشاد الزراعى على رفع وعى الزراع بطبيعة التغيرات المناخية وآثارها على المدى القصير والطويل لتمکينهم من التعامل معها واختيار الأساليب المناسبة للأقلمة، کما يساعد على تقليل الفجوة بين الأبحاث المطبقة ونشرها بين الزراع، الى جانب استخدامه طرق تدخل مختلفة من خلال أساليب إتصالية متنوعة لزيادة معرفة ومهارات الزراع حول ممارسات الأقلمة (Emmanuel,2013,p.2).
 
 
وإجمالا يتبين الحاجة الماسة لدعم قطاع الزراعة فى أى دولة لمواجهة التغيرات المناخية ، وهذا ما أکده  الأمين العام للأمم المتحدة "بان کى مون" أمام قمة روما (مؤتمر الغذاء العالمى- نوفمبر 2009) بقوله "لا يمکن أن يکون هناک أمن غذائى بدون أمن مناخى"(Ahmed,et al.,2009,p.2).